قطاع الزرابي : يعتبر قطاع الزرابي إحدى الفنون التقليدية التي تزخر بها مدينة سلا، أهلته مكانته لأن يحتل الصدارة في هرم الحرف التقليدية بهذه المدينة العريقة، وهذا إن دل على شيء إنما يدل على المكانة المتميزة التي يحتلها هذا القطاع لسنين طويلة خلت، حيث تمكن من شق طريقه والانتقال من مرحلة الانتاج المحلي إلى الانتاج الموجه للتصدير بواسطة وحدات انتاجية تجمع بين أصالة الفن التقليدي ومواصفات الجودة في قالب فني يعطي المكانة اللائقة لهذا المنتوج التقليدي الذي يختزن طاقات ابداعية خلاقة ومواهب فعالة في مجال الاثقان والابداع.
ينتمي هذا الفن التقليدي إلى صنف الصناعة التقليدية الانتاجية، وقد شهدت هذه الصناعة قفزة نوعية مع مرور الزمن حيث انتقلت من صناعة يدوية تنجز في البيوت وفي بعض المعامل الصغرى إلى انتاج ينجز في وحدات انتاجية من طرف أصحاب المعامل المتوسطة والصغيرة والتعاونيات بالاضافة إلى النساجات اللواتي ينجزن هذا المنتوج داخل المنازل.
ويتنوع انتاج الزرابي بمدينة سلا بين الحنبل الذي يعتبر من أقدم صناعات النسيج بسلا، ثم الزربية التي تحمل إسم الرباطية، وتأتي في المقدمة حيث تليها الزرابي البربرية أو زرابي الأطلس المتوسط ثم الزرابي العصرية التي اختصت بانتاجها بعض الوحدات الانتاجية. لكن بالرغم من كون مؤهلات قطاع الزرابي تشير إلى كونه نشيطا وحيويا إلا أنه أصبح يتخبط في براثن التدهور والركود الذي اكتسح القطاع منذ الثمانينات بحيث أصبح هذا القطاع يتراجع بشكل تنازلي نتيجة تراجع الطلب على المنتوج واقبال المستهلك على الزرابي البلجيكية وولوج بعض الطفيليين إلى قطاع الزربية وارتفاع أثمان المواد الأولية وبالأخص الخيوط، وارتفاع تكاليف الانتاج، وعدم احترام مقاييس الجودة في الانتاج، وتباين اللحمة والسدة الغير المحكمة و"زلاجة الحاشية" والهذاب الغير المعقودة والمظفورة، وظهور جيوب على الزربية.
بالاضافة إلى المنافسة الدولية اللامتكافئة وضعف التغطية الاعلامية لهذا المنتوج التقليدي الأصيل.
الخياطة والطرز: تعتبر هذه الصناعة من أهم الأنشطة التي تحتضنها مدينة سلا، تتنافس فيها أمهر الصانعات بمنتوجات تتميز بمقومات الأصالة والابداع. وأهم ما تشتهر به هذه الحرفة هو صناعة القفطان، هذا المنتوج الذي يجمع بين الأصالة (المتمثلة في الحفاظ على هذا الارث التقليدي الأصيل) والمعاصرة المتمثلة في إظفاء ابتكارات وابداعات متميزة تزيد من جماليته.
قطاع الفخار والخزف :
إن الحديث عن قطاع الخزف والفخار، يعني تسليط الضوء على إحدى أهم الحرف التقليدية الفنية التي تزخر بها مدينة سلا.
تتمركز هذه الصناعة في مركب الفخار والخزف بالولجة سلا، ويشكل طاقة استيعابية نشيطة وفعالة سواء من حيث عدد العاملين به أو على مستوى حجم الانتاج الذي ينتجه، والذي يوجه جزء منه للاستهلاك الداخلي في حين يوجه الشطر المتبقي نحو التصدير.
وبمجرد تفحص تحف الفخار والخزف، سرعان ما يذهب فكر الزبون إلى التأمل في القدرات الفنية للصانعة أو الصانع الذي أنجزه وأبدع في إخراجه في حلته الفنية التي تليق به.
فنون المعمار التقليدي :
1- النجارة والنقش على الخشب: يشكل قطاع النجارة والنقش على الخشب إحدى فنون المعمار التقليدي، وهو أحد القطاعات الانتاجية الهامة بمدينة سلا ينتمي إلى صنف الحرف الفنية الانتاجية المصنفة في هرم الصناعة التقليدية بسلا.
يشغل هذا القطاع نسبة هامة من الحرفيين يتمركزون أساسا داخل ورشات عمل صغيرة ومتوسطة تشكل الحيز الأكبر من الطاقة الاستعابية لهذه الحرفة بعمالة سلا إلى جانب بعض الوحدات الانتاجية الكبرى.
يهتم هذا القطاع بتوفير المستلزمات الضرورية من احتياجات المستهلك المتمثلة في الأثاث المنزلية بمختلف أنواعها وكذا المستلزمات المرتبطة بالمعمار، التي تستعمل فيها العديد من أصناف الخشب، وعلى رأسها خشب الأرز الأكبر أهمية والذي يمتد استعماله إلى التحف النفيسة المنقوشة، غير أن كلفته باهظة الثمن نتيجة لكونه لاينتج محليا بل يتم جلبه من مناطق الأطلس المتوسط.
إن حرفة النجارة والنقش على الخشب كباقي الحرف التقليدية تستمد مقومات صمودها من الموروث التقليدي الأصيل الذي خلق أجيالا عديدة، وصقل مواهب خارقة تشظر بشغف اهتماما خاصا وتشجيعا دائما.
2- النقش على الخشب : تعتبر هذه الحرفة من الفنون التي تعبر عن نفسها بإبداعات وفنون حرفييها، يظفي رونقا متيزا في مجال المعمار، تنجز أعماله وأشكاله على السقوف والجدران، ويمسح بألياف متتالية يمكن أن يصل سمكها إلى ثلاث أو خمس سنتمترات حسب الأهمية المرغوب في نقشها نهائيا، ويمكن أن تصل الأشكال المطلوبة إلى ثلاثة طبقات تبلط على السقوف والأعمدة.
والجدير بالاشارة أن الصناع والحرفيين المهرة في هذا القطاع يحاولون دوماالقيام بعمل من مستوى رفيع مقرون بتجديد ينعكس على هذا الفن تبعا لمتطلبات العصر والأدوات الزبونية.
3- النقش على الرخام: هو فن إبداعي ذو قيمة جوهرية تناقلته الأنامل الحرفية بعبقرية منذ القدم، وهو عصارة عبقرية الصانع المبدع، وثمرة ما جادت به قريحته في هذا الفن التقليدي الأصيل. وهو أحد الفنون التي تشتهر بها مدينة سلا، ويتم اعتمادها في المعمار التقليدي يتطلب نوعا من الدقة في العمل والصبر والضبط في الانجاز، حتى يتمكن "المعلم" انجاز الأشكال المرجوة كالأعمدة وتفرشة الأرض والنافورات وتغطية الجدران ومختلف الأشغال الأخرى.
4- صناعة الحجر: لا يخفى على فعاليات ومتتبعي الشأن الحرفي بمدينة سلا أهمية هذه الحاضرة في احتضان إحدى أجود وأرقى الحرف التقليدية: إنها صناعة الحجر والنقش على الحجر.
فهذه الحرفة تشكل فضاء متميزا للإنتاج والتشغيل والإبداع والإبتكار، تتمركز بمنطقة أبي القنادل الذي يضم أجود مقالع الحجر على الصعيد الوطني والدولي، باعتباره يوفر مادة الحجر الخام، ذات مواصفات الجودة العالية المطلوبة دوليا.
حظيت هذه الحرفة باهتمام كبير منذ أمد بعيد، واتخذت لنفسها مكانة ضمن الحرف التقليدية الفنية التي تزخر بها مدينة سلا (ومنها الزرابي، الفخار، الخياطة والطرز، المصنوعات الخشبية...)
هذه المكانة أكسبتها شهرة كبيرة على مر السنين، فقد كانت تستعمل في تشييد أسوار المدن العتيقة والقلاع والحصون الموجهة لصد ودرء العدوان الخارجي، كما كانت تزين بها أبواب وصوامع المساجد الضخمة، وكذا البيوت والمنازل الفاخرة، إضافة إلى ترميم المآثر التاريخية التي تؤرخ للرصيد التاريخي والتراثي العريق على مر العصور.
ولإنتاج مادة الحجر في قالبها الخام، يتم استعمال البارود في تفجير المقالع باعتباره مادة أساسية لهذا الغرض.
تعتمد هذه الحرفة على أدوات تقليدية ضمن وسائل الانتاج (كالشاقور، والمكدي، والمنشار...) وهي معروفة منذ القدم، وتطورت عبر مراحل الانتاج التي جسدت الأقواس، والأبواب، والنافورات...، وتأتي هذه العملية بعد تصنيف الحجر حسب النوع والحجم، حيث تبدأ عملية القطع بالمنشار إلى قطع ذات شكل هندسي مما يسهل اختيار المنتوج ونوعية النقش (مستطيل، مربع، دائري...)
تبدأ عملية النقش على الحجر وزخرفته بعد أن يتم رسم نوع الشكل المراد نقشه، أي ما يسمى بلغه أهل الخرقة "التربتيل" لينتقل بعد ذلك صانع الحجر إلى عملية النقش بالمكدي والمطرقة وبعض الأدوات اليدوية البسيطة، وذلك على قطع منقوشة تتمم بعضها البعض عند التركيب، وذلك لتسهيل عملية النقل والتركيب في الورش.
وبالرغم من اهمية هذه الحرفة وخصوصياتها وطاقاتها الاستيعابية انتاجا وتسويقا وتشغيلا، فقد أصبحت تعيش مشكلا كبيرا يتمثل في مشكل استغلال مقلع الحجارة المتواجد ببوقنادل (مما يؤثر على توفر المادة الخام)، وفي انعدام فضاء للإنتاج والتسويق على شاكلة قرية نموذجية لفنون النقش والحجر بالمنطقة.
ومهما يكن من أمر، فإن حرفة النقش على الحجر بمدينة سلا أصبحت حاليا أكثر من أي وقت مضى في حاجة إلى الدعم والاهتمام حتى تحافظ على نشاطها الريادي والابداعي، وعلى مساهمتها المتميزة في فنون المعمار التقليدي محليا ووطنيا ودوليا.
5- صناعة الفسيفساء: تعتبر صناعة الفسيفساء إحدى الصناعات الخدماتية الأكثر جمالية على مستوى المعمار.
وتتضمن صناعة الفسيفساء عدة نماذج متميزة، تزيد الأشكال المرصودة لها جمالية وروعة، بفضل خبرة صناعها وقدراتهم الابداعية التي وضعت بصماتها الفنية في ميدان المعمار والبناء مركزة بذلك على الطابع الأصيل وخصائص المعاصرة، حيث أن الأول يثمثل في حفاظ "المعلمين" على هذه الحرفة، في حينتتمثل أوجه المعاصرة في الأشكال الفنية والابداعية التي تجود بها قرائح الصناع أثناء عملية صنعهم لأشكال الفسيفساء.
6- الحدادة التقليدية (الحديد البلدي): تعتبر هذه الصناعة من الحرف التقليدية العريقة بسلا عرفت ركودا وانقراضا نسبيا إلا أنها انتعشت بشكل ملحوظ في الفترات الأخيرة باعتبارها احدى مقومات الموظة العالمية حيث برزت هذه الصناعة من جديد في كل من الولجة باب سبتة وطريق القنيطرة وهي بشرى خير نعقد آمالا على اقبال الصناع الشباب على تعلم أصولها وفنونها كحرفة مشرقة مبشرة بكل خير.
الدرازة: تعتبر حرفة الدرازة إحدى الحرف التي يحتضنها قطاع النسيج بمدينة سلا، اشتهرت بها مدينة سلا منذ القدم، وهي حرفة كان يثقنها عدد قليل من "المعلمين" بالمدينة في معامل معينة، يتنافسون من خلالها في الاثقان والجودة، وفي تلقين مبادئ وأصول هذه الحرفة لعدد من "المتعلمين" لحمل لواء استمرارية هذه الحرفة.
وقد عرفت هذه الحرفة انتعاشا وازدهارا كبيرين، وازدنت بأبهى حللها في الوقت الذي كان فيه المستهلك لايستغني عن الجلباب والأغطية الصوفية (البطانية) المنسوجة والمزينة بأجود أنواع الخيوط.
إلا أن هذه الحرفة عرفت تراجعا ملحوظا، وذلك لعزوف الشباب عن تعلم هذه الحرفة، وبروز منافسة المنتوجات الاصطناعية، والارتفاع أثمنة المواد الأولية، وضعف التغطية الاعلامية لحث المواطنين على الاقبال عليها.
صناعة القصب: شهدت صناعة القصب بمدينة سلا تطورات نوعية انتقلت من الاشتغال الأولي البسيط إلى مرحلة التطوير والابتكار، موضحة بذلك تأتيرات هذا الفن التقليدي الأصيل الذي يفسر إبداعات وقدرات معينة في هذه الصناعة.
وتعتبر مدينة سلا إحدى المدن المغربية العريقة التي تحتضن هذه الحرفة، وتتمركز بمحاذاة مركب الفخار والخزف بولجة سلا.
تعتمد هذه الصناعة على استعمال القصب الكبير الذي ينبت بشكل طبيعي أو الذي يتم استنباته في أماكن خاصة، وتختلف جودة القصب حسب عدة أصناف منها القصب العادي، وقصب الدفلة والقصب الهندي وعود الماء،كما يتم استخدام الدوم ضمن المواد المعتمدة في صناعة القصب.
ومن أهم مميزات هذه الحرفة، بساطة وسائل العمل، والطريقة المتبعة في صنع القصب، ومدى قدرة التحمل لدى صانع القصب الذي ينهمك في عمله بشكل جدي، لينجز منتوجات لاتخلو من إبداعات تستقطب أذواق الزوار والوافدين.
صناعة الحصير: الحصير، هذه الكلمة ذات الميزة الرنانة التي يبدو من خلال معناها أنها تشتمل على مجموعة من التقاليد والأخلاقيات ما زالت محتفظة بمجموعة من الخصائص يحفظها لها التاريخ.
الحصير، هذا المصطلح ذو السجع الغريب الذي يؤرخ لإحدى الحرف التقليدية التي تحمل بين طياتها العديد من الخصوصيات التي تجسد طابع الهدوء والبساطة والصورة الحقيقية للصانع "الحصار" الذي يسهر على إخراج هذا المنتوج إلى الوجود.
وتتطلب صناعة الحصير امكانيات ووسائل بسيطة بالاضافة إلى المادة الخام وهي بالأساس الأسل (السمار)، الذي يجفف تحت أشعة الشمس، ويصبغ بعد ذلكبألوان مختلفة متناسقة، بالاضافة إلى تقنيات تشترط في الصانع "الحصار" ليخرج هذا المنتوج في طابعه الأصيل.
وقد عرفت هذه الصناعة تراجعات ملحوظة نتيجة عزوف المستهلك عن اقتنائها (اللهم بعض المرافق الدينية كالمساجد)، بالاضافة إلى منافسة الخيوط الاصطناعية البلاستيكية التي زادت من ضعف القدرة الشرائية للحصير التقليدي.
هذا وتحتضن مدينة سلا حرفا تقليدية أخرى، وبالأخص الخدماتية منها المتمثلة في: إصلاح الأجهزة السمعية والبصرية (الراديو والتلفاز)، وميكانيك السيارات، وإصلاح الدراجات النارية والعادية، والترصيص، والحلاقة والتجميل،وإصلاح الساعات، وإصلاح العجلات، والتلحيم، وخياطة الأفرشة، وبناء وترميموصباغة المباني، واستغلال الحمامات التقليدية والتزويق بالحناء...